ماجد زايد
قبل أربعة أعوام، اعتقلوه، ليس لأنه مشبوه أو رجل خطير، بل لأنه شقيق أخويه اللذان غادرا صنعاء إلى مدينة مأرب، الشيخ وليد الغيل أحد مشائخ بلادنا الجميلة حراز، نجل عضو مجلس النواب عن حزب المؤتمر الشعبي العام في مديرية مناخة الشيخ مقبل الغيل.
منذ أربعة أعوام والشيخ الغيل خلف الجدران والظلمات بلا تهم أو محاكمات، يتحفظون عليه ليستسلم شقيقاه اللذان غادرا، ربما هذا ما يتمسكون به تجاه الرجل، ليبقي الغيل في سجون بعيدة، كرواية عن الدولة الفاقدة أركانها وما صار بأفرادها، رجلًا قدم لمجتمعه سنوات طويلة من النضال، بعد والده الذي كان رمزًا بارزًا للمديرية، ولكن الزمان هنا مختلف في النهايات، لقد جعله شيخًا منسيًا لا يجرؤ أحد على الإشارة إليه أو المطالبة بحقه في الحياة، ليصير الأمر خوفًا متزايدًا وإسمًا منسيًا ورجلًا متروكًا وأسرة عاجزة لم تتوقف عن مئات المحاولات تلو المحاولات في سبيل انقاذه وإطلاق سراحه، ولكن، دون جدوى.
مساء اليوم، تواصلت مع شقيقه الأصغر الشيخ محمد الغيل، لمعرفة تفاصيل ومستجدات القضية، قال بأنهم يحاولون بكل طاقاتهم وقدراتهم، منذ اليوم الأول لأخذه وتغييبه ولكن، دون نتيجة، موضحًا لي ما حدث معه قبل عام، حينما استطاعوا أخذ وعد شخصي من أبو أحمد لإطلاق سراحه، وبالفعل، تم إطلاق سراحه في عيد الأضحى، ليصبح منزل الشيخ وليد الغيل أنذاك ميعادًا لتوافد الناس والمحبين، فبعد ثلاث سنوات من الغياب والتغييب، انتظروه حتى وصل عائدًا سالمًا، كانوا يحتشدون جوار منزله بالعشرات والعشرات، احتضنوه وتفقدوه وتطمنوا عليه، لأيام وأيام حتى صار منزله مزارًا لمئات المهنئين والمطمئنين، لعشرين يومًا وهو يستقبل الضيوف والوفود والأعيان، حتى جاء صباح يوم أخر، يومها انصدم الجميع بأن السلطات عادت واعتقلته مجددًا، هكذا بلا مقدمات، ومن ذلك اليوم وهو قابع في سجن المخابرات بصنعاء يستقبل القادمين ويودع المغادرين، بلا محاكمات ولا مداولات ولا وساطات ولا وعود بالإفراج.
بالأمس تحدث عنه القاضي عبدالوهاب قطران، مذكرًا الجميع بمظلومية رجل شهم وشيخ بارز، وقصة لا يعرفها أحد، يقول عنه قطران: كان أول من استقبلني في سجن المخابرات، عزيز النفس، دمث الأخلاق كريم الخصال، كنا نطلق عليه جميعًا عاقل المكان، لأنه يدير شؤون الموجودين، رجلًا مدنيًا، مؤدبًا، محترمًا، راقيًا، من أعزة اليمنيين وأكثرهم شهامة ورجولة. لكنه يعاني بصمت مرارة الأمراض والأوجاع والتجاهل الطويل، الفطريات المؤلمة والتقرحات الجلدية، وغياب الحياة عن أبناءه وأهله وأسرته، مرارة الوجع والدنيا برمتها، وخيالات العجز بينما تفتك بصاحبها، بينما يتحسر، يتذكر، يبكي، يندم، يجابه الويلات مع ضراوتها، رجلًا أصيلًا، وقضية منسية، وأملًا أخيرًا بالحياة، هذه مطالبة خالصة دافعها صادق، وغايتها إنسانية، أطلقوا سراح الشيخ وليد الغيل، أطلقوا سراحه وحققوا عدالة الناس لو كنتم صادقين.
0 تعليق