بهدف تدارس أهم “المستجدات الضريبية” الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2025، جمعت غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط-سلا-القنيطرة مجموعة من المهنيين والتجار والمقاولين من المنتسبين إليها، فضلا عن خبراء ماليين ومحاسبين، في “لقاء تشاوري”، مساء الخميس سابع نونبر الجاري.
تميز هذا الموعد بحضور ممثلي بعض الأحزاب المغربية من الأغلبية والمعارضة، وفق معاينة هسبريس، ويتعلق الأمر بكل من عبد الإله الإدريسي البوزيدي، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، والحسن لشكر، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، بهدف إغناء النقاش بشكل يفضي إلى جعل مطالب فئات مهنية في صلب المناقشة البرلمانية الجارية لمشروع القانون المالي.
اللقاء الذي يأتي، حسب حسن صاخي، رئيس الغرفة، “تفعيلا للدور التي تضطلع به الغرف المهنية كمؤسسة يعهد إليها بوظائف تمثيلية واستشارية، ودأبا على عادتها والتزامها السنوي في تقديم ملاحظاتها واقتراحاتها عند مناقشة كل قانون مالي بالبرلمان”، يشكل “أهمية بالغة بالنسبة للمنتسبين للغرفة وأعضائها نظرا لحجم الإصلاحات الضريبية الكبرى التي تعرفها بلادنا”، وفق تعبيره.
وتابع صاخي، ضمن كلمة افتتاحية، مثمنا حضور ومشاركة الهيئات الإدارية والمنظمات والفعاليات المهنية، مشيدا بـ”التعاون المشترك بين جميع الأطراف لوقعه الإيجابي على تجويد وتحسين مناخ الاستثمار المحلي والجهوي وتعزيز ثقة المقاولين والمهنيين”.
“المهنيون في صلب التعديلات الضريبية”
“مشروع قانون المالیة 2025 يتضمن إجراءات أساسية عدة تدخل في صلب التعديلات الضريبية الكبرى التي تعرفها بلادنا”، يقول رئيس غرفة الرباط، منها “ما يخص توسيع الوعاء الضريبي من خلال مكافحة التهرب الضريبي وإدماج بعض الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية ضمن النظام الضريبي، ومنها ما يروم مواصلة الإصلاحات الجبائية الهادفة إلى تحسين العدالة الضريبية وتخفيف العبء عن الشركات الصغرى والمتوسطة”.
كما أشار إلى “إجراءات أخرى لتشجيع وتحفيز المشاريع الاستثمارية ذات الصلة بالقطاعات الاستراتيجية، خاصا بالذكر “الصناعة والطاقات المتجددة من خلال تمتيعها بإعفاءات ضريبية خاصة لمدة 5 سنوات”.
ولم يفت صاخي أن يدعو “جميع المتدخلين والفاعلين الاقتصاديين والمهنيين إلى تقديم اقتراحات عملية لتقديمها كتوصيات مدرجة في هذا المشروع الذي نتوخى منه تحقيق عدالة ضريبية للقطاعات التي تمثلها الغرفة”، حسب توصيفه.
رئيس الغرفة المهنية لجهة الرباط ثمن التزام ومشاركة المهنيين في اللقاء، الذي اعتبره “دليلا على انفتاح مؤسستهم على مختلف القطاعات المعنية والمنظمات المهنية من خبراء محاسبين ومحاسبين معتمدين وموثقين ومهنيين وغيرهم، وبرهانا على رغبة متجددة في إشراكها في الحوار والنقاش في موضوع ذي أهمية كبرى بالنسبة لكل القطاعات الاقتصادية والمهنية”.
سياقات وتداعيات
تخلل هذا اللقاء الهام، الذي سيره فكاك شناني، الكاتب العام للمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين، تقديم عبد النبي صبري، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، عرضا حول “السياق العام الذي جاء فيه إعداد مشروع القانون المالي لسنة 2025″، مبرزا أن “التوترات الجيو-سياسية العالمية والإقليمية مازالت ترخي بظلالها الوارفة على إعداد أهم القوانين التي يتدارسها البرلمان حاليا”.
“هل ننجح في تحويل القانون المالي إلى أداة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب؟” يتساءل الأستاذ الجامعي، مجيبا بأن ذلك يبقى “رهين خلفيتيْن تحكمان المدبر العمومي: الخلفية التقنية الواضحة والخلفية السياسية”، قبل أن يخلص إلى أنه “لا يمكن تدبير الأمور بخلفية تقنية صرفة”.
ولفت صبري إلى أن “هاجس رفع الموارد المالية لا يجب أن يغيب مردودية وفعالية التدبير العمومي الذي يسائل في نهاية المطاف نجاعة التدابير في كل قانون مالية ومدى استفادة الفئات المستهدفة من كل إجراء ضريبي مثلا”.
من جهة أخرى، جاءت أبرز المستجدات الضريبية لمشروع “مالية 2025″، فضلا عن “التوجهات العامة والأولويات” وتحليل موجز للفرضيات التي بنت عليها الحكومة توقعاتها للعام المقبل بخصوص النمو والتضخم ومحصول الحبوب وكذا أسعار الغاز، خلال عرض محمد أمين الوزاني، خبير محاسب عضو بهيئة الخبراء المحاسبين.
وأبرز الوزاني ضمن مداخلة مفصلة أن “السياق الدولي لإعداد مشروع المالية للسنة المقبلة يظل مواتيا عموما من حيث تراجع التضخم وانخفاض أسعار بعض المواد الأولية/الخام، وكذا انخفاض تكلفة الطاقة، إلا أن الظرفية الوطنية تبقى جد معقدة وصعبة من حيث ارتفاع معدل البطالة وتوالي سنين الجفاف الهيكلي، ما أثر بقوة على القيمة المضافة الفلاحية وأنشطة اقتصادية بعينها”.
وسعى الخبير المحاسب إلى الإسهام في إثراء النقاش في موضوع استرعى أهمية خاصة لدى مهنيي الصناعة والتجارة والخدمات بالغرفة، مبسطا لهم تداعيات بعض المقتضيات الجبائية المقترحة في المشروع من مراجعة أسعار الضريبة على الدخل، إلى جانب إقرار ضرائب على بعض الأنشطة التي تمثل بعض فئات المهنيين والشركات. كما تطرق إلى “فرض الضريبة على الشركات بالنسبة لمجموعات النفع الاقتصادي” وضرائب أخرى تعني فئات هيئات مهنية كالموثقين والمحاسبين المعتمدين.
عدالة ضريبية
عرف اللقاء في ختامه مناقشات مهمة لممثلي الجمعيات المهنية والتجار ومقاولي الخدمات، رحب بها مسؤولو الغرفة والبرلمانيون الحاضرون الذين أكدوا العمل على إيصال صوت الفئات المهنية، خصوصا من المقاولات الصغرى والمتوسطة، والترافع عن حقوقها ودينامية أنشطتها خلال مناقشة قانون المالية في اللجان النيابية المختصة.
كما لم يخل هذا اللقاء التشاوري للغرفة من مشاركة مقاولين صغار ومتوسطين، عبروا ضمن مداخلات متفرقة في ختام اللقاء عن “تجدد الهاجس الضريبي لدى التاجر والمهني” في مشروع قانون المالية 2025، مشددين على أن “رهان إرساء العدالة الضريبية وتخفيف العبء الضريبي بين الفئات السوسيو-اقتصادية من شأنه تحريك عجلة نمو القطاعات المهنية ورفع نسبة إسهامها في ديناميات الاقتصاد الوطني”.
ومن المرتقب أن يفضي النقاش، بحسب الغرفة، إلى “تقديم مقترحات قيمة وتوصيات هامة، سيتم رفع تقرير بشأنها إلى البرلمان والحكومة قصد أخذها بعين الاعتبار، خدمة للمنتسبين للغرفة وإسهاما في إرساء مناخ سليم للأعمال وتحقيق عدالة ضريبية، مواكبة للأوراش التنموية”.
ولا تنسى الضغط هنا ومتابعة قناتنا على تليجرام
0 تعليق