الشارقة: مها عادل
انطلق، الاثنين، مؤتمر «سوا: 10 سنوات من التبادل الثقافي في التعلم المتحفي» الذي تنظمه هيئة الشارقة للمتاحف، بالتزامن مع الذكرى العاشرة لبرنامج «سوا»، المبادرة الرائدة التي أسهمت في تعزيز التعلم المتحفي العابر للثقافات، وتطوير الكفاءات المهنية في الشرق الأوسط وأوروبا، بمشاركة واسعة من مسؤولين، وخبراء، وأكاديميين مختصين.
ويشكل المؤتمر، الذي يعقد بالتعاون مع مجموعة الهلال (الشريك الاستراتيجي) وهيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة (الشريك البلاتيني)، إلى جانب دعم القنصلية الألمانية في دبي، منصة محورية للمحترفين في قطاع المتاحف وعشاق الثقافة.
وتضمن حفل الافتتاح كلمات رئيسية ألقاها الشيخ فاهم بن سلطان بن خالد القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة، وسيبيله بفاف، القنصل العام لجمهورية ألمانيا الاتحادية في دبي، وعائشة راشد ديماس، المدير العام لهيئة الشارقة للمتاحف، بحضور عدد من الشخصيات الثقافية البارزة، منهم البروفيسور د.ستيفان ويبر، مدير متحف الفن الإسلامي (متحف بيرغامون)، والبروفيسور د.سوزان كيلر، عميد كلية الثقافة والتصميم بجامعة العلوم التطبيقية HTW في برلين، ود.غابرييل لاندوير، الرئيس التنفيذي السابق لمعهد غوته في منطقة الخليج.
الحوار الثقافي
أكد الشيخ فاهم بن سلطان بن خالد القاسمي، دور البرنامج في تعزيز الحوار الثقافي، وقال: «من خلال علاقاتنا الراسخة مع العاصمة الألمانية برلين، نجحنا في توفير فرص عالمية تُثبت للشباب أن المتاحف منصات حيوية للتعلم والاكتشاف، ومساحات ثقافية للسرديات القصصية التي تروي تاريخنا الإنساني المشترك وتعزز الحوار بين الثقافات، ويهدف هذا التعاون إلى تبادل المعرفة والرؤى والأفكار التي تُعمّق فهم كل طرف لتاريخ ومعتقدات وهوية الطرف الآخر».
تمكن الأفراد
أبرزت سيبيله بفاف، الدور الفريد والمميز للبرنامج، مشيرة إلى أنه يُعد منصة استثنائية لا تُقدر بثمن، تعزز التبادل الثقافي وتمكن الأفراد الشغوفين بدراسات المتاحف.
وأضافت أن البرنامج، وعلى مدار أكثر من عقد من الزمن، وفّر للمشاركين مساحة لتوسيع معارفهم وتطبيقها بشكل هادف في مجتمعاتهم، مؤكدة تأثيره طويل الأمد، وإسهامه في خلق بيئة تعاونية تعزز فهم الثقافات المختلفة.
وتابعت: «لم يسهم (سوا) في إثراء الفهم بين مختلف الخلفيات الثقافية فحسب؛ بل أوجد أيضاً لغة مشتركة في مجال دراسات المتاحف».
وأشادت بالتزام الهيئة بمبادئ الاستدامة، مشيرة إلى أنه مهد الطريق لإسهامات ذات مغزى من خلال تمكين جيل جديد من المتخصصين في مجال المتاحف.
تعزيز التفاهم
احتفت عائشة راشد ديماس، أثناء كلمتها، بمسيرة البرنامج المميزة خلال العقد الماضي، مؤكدة دوره في تعزيز التفاهم الثقافي والنمو المهني قائلة: «نحتفي خلال اجتماعنا بمرور 10 أعوام على أول نسخة من البرنامج الذي انطلق للمرة الأولى من على أرض الشارقة عام 2015 ليدشن جسراً ثقافياً تعليمياً يجمع بين الثقافة العربية العريقة والثقافة الأوروبية من خلال تداول علوم المتاحف من منظور جديد ومختلف».
وتابعت: «نحصد اليوم ثمار ما زرعناه قبل عشر سنوات مع شركائنا وأصدقائنا من جمهورية ألمانيا، حيث تحتضننا الشارقة مرة أخرى محملين جميعاً بروح الأمل إلى المزيد من النجاحات لهذا البرنامج المميز».
حوار ثقافي
على هامش المؤتمر، قالت عائشة ديماس، لـ«الخليج»: «البرنامج المشترك بين المؤسسات يهدف إلى فتح باب الحوار الثقافي في مجال العمل المتحفي، فبوجود مشاركين من العالم العربي ومن ألمانيا نفتح الباب أمام هؤلاء العاملين الشباب لتبادل الأفكار والثقافات».
وتابعت: «البرنامج يسعى إلى تمكين قادة المستقبل عبر منصة للتعلم المتعدد الثقافات، حيث يشارك المشاركون خلال ندوات وورش عمل تقام في الإمارات وألمانيا لاكتساب رؤية شاملة حول معالجة قضايا التمثيل الثقافي والتعليم المتحفي في مختلف المناطق، ويمثل المؤتمر محطة مهمة في مسيرة «سوا»، حيث يستعرض إنجازاته خلال العقد الماضي، ويحدد ملامح تطلعاته المستقبلية».
وأضافت: «نفخر بإقامة هذا المؤتمر الأول من نوعه على أرض الشارقة، خصوصاً أنها الأرض التي احتضنت ميلاد البرنامج، وانطلاقه منذ البداية، ونلتزم بتنفيذ رؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونرسل له أسمى أيات التقدير والعرفان على الدعم غير المحدود في مجال الثقافة والمتاحف وإتاحة الفرص للشباب من الجنسين في تحمل المسؤولية مبكراً».
وأشارت إلى أن «مكتسبات البرنامج لم تقتصر على الشباب المشاركين فقط؛ بل عمت الفائدة على الجهات والمؤسسات المشاركة أيضاً، حيث يتم تبادل الخبرات والتجارب في كل مجالات العمل المتحفي بداية من أساليب العرض وآليات الجذب والأدوات التفاعلية والتكنولوجيا الحديثة، ونجحنا في تصدير ثقافتنا والانفتاح على الثقافات الأوروبية، حرصنا أن يكون التبادل الثقافي متبادل».
التعاون الدولي
يسلط المشاركون، خلال المؤتمر، الذي يستمر على مدار يومين، الضوء على الدور المحوري لبرنامج «سوا» في تعزيز التعاون الدولي، والارتقاء بمعايير العمل المتحفي في مختلف المناطق، فضلاً عن مساهمته في ترسيخ الدبلوماسية الثقافية، وبناء قادة قادرين على التعامل مع تطورات المجال المتحفي، وقد تأسس البرنامج نتيجة رؤية مشتركة بين هيئة الشارقة للمتاحف ومتاحف برلين الوطنية ومعهد غوته في منطقة الخليج، بالتعاون مع جامعة العلوم التطبيقية HTW برلين، بعد نجاح التعاون في تنظيم معرض مشترك بين متحف الشارقة للحضارة الإسلامية ومتاحف الدولة في برلين.
وركز التعاون على سد الفجوات في القطاع المتحفي وتعزيز التبادل الثقافي، حيث استقطب البرنامج منذ انطلاقه الطلاب والمهنيين الشباب من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا، مانحاً إياهم فرصاً للتطوير المهني والتبادل المعرفي والتعلم المشترك.
جلسات حوارية
تضمن اليوم الأول من المؤتمر، جلسات حوارية قدمها متحدثون بارزون، مثل البروفيسور د.ستيفان ويبر، والبروفيسور د.سوزان كيلر، ود.غابرييل لاندوير، حيث ناقشوا أهمية التعاون الدولي بين المتاحف والمؤسسات الثقافية في تطوير الموظفين والمعايير والخدمات المتحفية، كما شهد جلسة نقاشية حول تجربة خريجي برنامج «سوا»، أدارتها خولة العوضي، رئيس قسم شؤون المتاحف في الهيئة، إلى جانب ذلك، أقيمت ورش عمل متخصصة، مثل ورشة التذهيب وورشة الديكوباج وورشة التنوع والشمولية.
خبرات القيمين
يشهد المؤتمر، في يومه الختامي، جلسة بعنوان «رحلة أمين المتحف: جمع وتنظيم وصياغة المعارض»، تتناول خبرات القيمين على المعارض في متحف الشارقة للفنون ومؤسسة بارجيل للفنون، فيما تستعرض جلسة «التفسير المتحفي» كيفية تحسين تفاعل المتاحف مع الجمهور وتفسيرها لشرائح المجتمع المختلفة. وإضافة إلى ذلك، يسهم خريجو البرنامج والخبراء من الإمارات وأوروبا والمنطقة العربية في إثراء النقاشات من خلال عرض تجاربهم ومساهماتهم في القطاع.
ويشارك في جلسة «الطموحات والعقبات» عدد من المتحدثين البارزين، مثل ناصر الدرمكي، نائب مدير مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة، ودانييل كويتن، مديرة ومديرة مشاركة لـ Imagine IC، ولينا دولفن، مديرة كولتور- وند هايماتهاوس شتات بلانكنبيرغ، حيث يناقشون التحديات التي تواجه المتاحف في تحقيق التأثير الإيجابي، مع التركيز على قضايا الشمولية والابتكار والأهمية الثقافية.
إلى جانب الجلسات الحوارية، تتاح للمشاركين فرص للتواصل خلال فترات الاستراحة، إضافة إلى جولات إرشادية لبعض المعالم الثقافية في الشارقة، مثل متحف الشارقة للفنون ومتحف الشارقة للحضارة الإسلامية، ما سيمنح المشاركين فرصة لاستكشاف التراث الثقافي الغني للمدينة.
مكتسبات المشاركين
عبر محمد أمين سرحان، 37 عاماً، موظف بمتحف عبد الرحمن سلاوي بالمغرب، لـ«الخليج»، عن سعادته بالمشاركة، وقال: «استفدت كثيراً من خلال هذه التجربة، فقد اتسعت رؤيتي بأساليب العمل المتحفي وتطورت مهاراتي من خلال اكتشاف خبرات زملائي في مجال المتاحف، وأنوي تطبيق كل ما تعلمته عند عودتي لبلدي، ونقل هذه الخبرات لزملائي بالمتحف».
ويلتقط إبراهيم عمار البلوشي، 32 عاماً، خيط الحديث، ويقول لـ«الخليج»: «أعمل في المجال المتحفي في سلطنة عمان، وأتيت خصيصاً للمشاركة في البرنامج، وبالفعل فاقت مكتسباتي منه توقعاتي، فقد تعلمت الكثير في مجال عملي وتبادلت الأفكار والآراء مع أقراني من العديد من الدول العربية والأوروبية، وحصلت على مجموعة أفكار رائدة وانبهرت بتعدد المتاحف وتنوعها بالشارقة».
0 تعليق