أحمـد صالــح
أرجعت رأسي إلى الوراء، وأغمضت عينيَّ وفكرت.. هل سيأتي علينا اليوم -أو على أحفادنا- الذي يتفحص فيه المرء أنيسه وجليسه وأي شخص يتعامل معه وينظر إلى قابس كهربائي أو شريحة إلكترونية مغروسين في رأسه أو ذراعه؟
هذا التفكير في المستقبل ليس ضرباً من خيال أو شطوحاً عاطفياً، بل هو النتيجة الطبيعية والحتمية لما نشاهده ونتابعه من تسارع رهيب في تقنية الذكاء الاصطناعي وصناعة الروبوتات الشبيهة بالبشر.
الذكاء الاصطناعي تطور طبيعي للحياة على الأرض وتنبؤ علمي من عشرات السنين أضحى حقيقة.. ولعلنا نشاهد كماً كبيراً من استخدام الروبوتات شبيهة البشر في الإعلام والسينما والفنون وغيرها من المجالات، والسؤال هنا هل سنشاهد الجنود الآليين يقتحمون المعارك ويواجهون أهوال الحروب، وربما تستطيع دولة صغيرة متفوقة تكنولوجياً من تصنيع جيش جرار بآلاف الروبوتات المدججة بتكنولوجيا تسليح رهيبة؟
قلبت رأسي إلى الناحية الأخرى لأرى في الأفق داخلي آلاف الروبوتات شبيهة البشر تنتج وتصنع وتحرث الأرض وتجوب البحور والمحيطات لتجلب الأسماك والطعام، وأخرى تكافح النيران وتنزع الألغام وتستصلح الصحاري.
صورتان مختلفتان يجمعهما إطار تزايد سطوة الروبوتات الشبيهة بالبشر بين طموحات الخير والشر، المأمول والمستبعد، الجائز والمحظور في التفكير والتمني.
جوانب متضادة للذكاء الاصطناعي، خير وشر.. إيجابيات وسلبيات.. فوائد وأضرار.. فمن المنظم وكيف؟ ومن يختار ويحدد ويرسم ويصيغ السيناريوهات ويحدد الأطر ويمنع التجاوزات والخروج من دائرة الأمان؟.
بعضنا اتجه لإدمان الذكاء الاصطناعي في أسهل الأمور والحركات والمتطلبات وإنجاز المهام التي كانت تتطلب جهداً وحركة بشرية تفيد الصحة وتنشط العضلات، ومنا من نأى بنفسه واختار أن يكون مشاهداً ومتابعاً ليس أكثر، فمَن مِن الفريقين على حق؟
أصبحنا نغوص في خوارزميات ومصطلحات، نتعامل بلغة المختصرات ونحاول ألا نكون متأخرين عن ركب التكنولوجيا والتطور.
كلها تساؤلات وسيناريوهات دارت في رأسي ودفعتني إلى الدوامة الفكرية، وقبل أن استفيق وأفتح عينيَّ للعودة إلى الواقع، فوجئت بطرق خفيف على كتفي، وإذ بصوت يصيح في وجهي: لماذا لمْ تشترِ لنا الأغراض من المتجر؟، ولمَ لمْ تذهب إلى المدرسة لتحضر الأولاد؟، ولماذا تركت أنوار الشقة مضاءة؟، ومتى ستشعر بما يجب فعله من مهام تريحني من تراكم المسؤوليات عليَّ..؟ بالطبع عزيزي القارئ أنت تعلم من يحادثني!، بالفعل إنها ذكية زوجتي، أما رد فعلي فلم يزد عن غمضة سريعة أخرى للعين وتمنيت عاجلاً أن يكون بجواري عشرات الروبوتات التي تنجز كل هذا وغيره بكبسة زر.
ولا تنسى الضغط هنا ومتابعة قناتنا على تليجرام
0 تعليق