د. مايا الهواري
الحياة عبارة عن طريق نعبره بكلّ أشكاله، أحياناً يكون سلساً بسيطاً وأحياناً أخرى وعراً معقّداً، وعلينا اجتيازه شئنا أم أبينا، البعض يجتازه بتفاؤل وأمل متيّقناً أنّ بعد العسر يسراً، وبعد الصّعاب يأتي الفرج، فيتعامل مع الظّروف بحكمة وإيجابيّة، وأنّ الله يجبر كلّ كسير ويسعد قلبه بعد الحزن ويسرّ خاطره، ذلك أنّ دوام الحال من المحال، والله يغيّر الأحوال للأفضل دائماً، فلا حزن دائم ولا فرح دائم ولا فقر ولا غنى كذلك، وما على المرء إلّا الصّبر على الملمّات والصّعاب، ويحتسب أجره عند الله تعالى ويدعو ربّه أن يزرع في قلبه التّفاؤل بأنّ النّور آتٍ بعد الظّلام وسينبعث شعاع الفرج وسيلٌ من الأجر والثّواب على صبره، وعند التّحدّث بإيجابيّة عند تجاوز الصّعاب يقف البعض وينتقد هذه الإيجابيّة، وأنّ المتحدّث بعيداً عن الواقع، فنرى هذا الشّخص لا يرى الجبر إنّما الكسر وراء الكسر، وفي هذه الحالة على المرء أن يتذكّر مصاب النّبي أيّوب الذي استمر أربع عشرة سنة، حيث تعرّض فيها للابتلاء وخسر كلّ ما يملك سنة تلو سنة، ولم يسأل الله الفرج بل التمس الصّبر بأن الله رزقه الكثير وما عليه إلا الصّبر على الابتلاءات الّتي تنزل به، حتّى وصل الأمر لأن فقدت زوجته شعرها ولم تهن عليه فقام بدعاء ربّه (ربّ إن مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين)، فقال ربّ العالمين (فأنجيناه من الغمّ)، وردّ الله له كلّ شيء، وهذا دليل أنه يجب على الإنسان أن يتمسّك باليقين، وأن يمتلك الثّقة بربّ العالمين، ويتوكّل عليه دون أيّ شكّ يدخل قلبه، خاصّة عند الألم والمصائب، وأن يكون ظنّه بالله حسناً (من توكّل على الله فهو حسبه)، فكيف يكون ظنّ المرء بالله يعطيه حسب ظنّه «أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي ما يشاء، من ظنّ بي الخير جاءه ومن ظنّ بي الشّرّ جاءه».
نستنتج ممّا سبق أنّ على المرء عدم الجحود، والتوكّل على ربّ العالمين، وأن يملأ الإنسان قلبه طاقة من الإيمان والرّضا، وأن يعلم أنّ وراء كلّ ابتلاء حكمة يجب التّعلّم منها، وأن يلتزم الدّعاء وتكراره، لأنّ الله تعالى لا يردّ يداً ارتفعت إليه، فعلى كِبَر الكسرة تكون الجبرة بيقين بإذن الله.
0 تعليق