تجارب زوجية عن خسارة الأصدقاء - اليوم الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تحقيق: مها عادل
الحياة الزوجية خطوة متقدمة في سلم الحياة الاجتماعية، حيث يتحول الإنسان من فرد إلى أسرة، وبوجود الأبناء تتكون مؤسسة اجتماعية أكثر نفعاً وإنتاجية، لكن هل يمكن أن يتحول عش الزوجية إلى قلعة عالية الأسوار تخطف سكانها من حياتهم السابقة واهتماماتهم وصداقاتهم، ويصبح الأزواج في عزلة عن أقرب الناس لهم، خصوصاً أصدقاء وصديقات العمر، ويتم تطبيق المثل الشعبي القائل «من لقي أحبابه نسي أصحابه»، والذي يُستخدم للتدليل على أن إيجاد شريك الحياة غالباً ما يتزامن مع فقدان الأصدقاء.
نتعرف خلال هذه السطور إلى تجارب وخبرات بعض الأزواج في التعامل مع الأصدقاء عقب الزواج، والانشغال بالمسؤوليات والأبناء.
تقول بسنت إبراهيم، موظفة في دبي، عن تجربتها في البعد عن الأصدقاء، حتى وإن كان ذلك غير متعمد: «خسرت صديقاتي بعد الزواج من دون قصد، إذ عايشت هذه التجربة من دون تخطيط، فعقب الزواج انشغلت تماماً بسبب احتياجات البيت ومسؤوليات العمل معاً، لكن في السنة الأولى من الزواج كنت أستطيع التواصل أحياناً مع صديقاتي منذ أيام الدراسة الجامعية، وكانت تنجح ترتيباتنا في تنفيذ بعض الزيارات المنزلية».
وتتابع: «أما بعد الإنجاب وانشغالي بتربية أطفالي ورعاية البيت والزوج والعمل، أصبح الأمر أكثر صعوبة، خصوصاً أنني تزوجت عقب تخرجي مباشرة، وكنت الأولى بين صديقاتي التي تزوجت مبكراً، لهذا لم أعد أستطيع التواصل معهن مثل السابق، ومع مرور السنوات أصبحت أعرف أخبارهن من خلال صفحاتهن على الفيسبوك».
وتضيف: «حالياً أشعر بالحنين لصحبة الأصدقاء ومرح التجمعات والحوارات مع أناس بيننا تقارب فكري ونفسي كبير، بينما نجح زوجي في الحفاظ على بعض علاقاته مع أصدقائه، حيث كان يجد وقتاً للقائهم يوماً واحداً ثابتاً أسبوعياً».
زمالة طويلة
تجربة مختلفة ترويها رانيا فتحي، ربة بيت في الشارقة، عن علاقتها بالأصدقاء بعد الزواج وتقول: «استمرار الصداقة محكوم بتشابه الظروف، فأنا وزوجي كنا أصدقاء منذ البداية وجمعتنا زمالة طويلة منذ أيام الدراسة، لهذا فنحن لدينا أصدقاء مشتركون، وهذه الصداقات ساعدتنا كثيراً في الحفاظ على وجود الأصدقاء بحياتنا، خصوصاً بعد أن تزوج أغلب أفراد المجموعة، وتشابهت ظروفنا، من زواج وإنجاب، ومدارس، وجمعتنا اهتمامات مشتركة مثل، البحث عن أماكن لتدريب الأطفال وتعليمهم ألعاباً رياضية، فأصبحنا نجتمع في أيام العطلات الأسبوعية في نزهات عائلية، حيث يشغلنا هدف واحد هو إسعاد الصغار، وإيجاد وقت لنا نحن الكبار أثناء انشغالهم، لنستمتع ولو لبعض الوقت».
وتؤكد أن «هذا الوقت المستقطع بين الصديقات في تسهيل مهمتنا كآباء وأمهات، كما نجحنا في تعويض أطفالنا عن إحساسهم بالغربة بعيداً عن الأهل والأقارب، وأصبحت صداقاتنا المكونة من خمس عائلات بمثابة العائلة الكبيرة التي ننتمي إليها ونسافر معاً في رحلات عائلية، ونحتفل بمناسباتنا السعيدة معاً، وتجمعنا الأعياد في حجوزات الفنادق، كما امتدت صداقاتنا للجيل الأصغر ولأبنائنا أيضاً، ورغم أن الظروف خدمتنا بالفعل لتحقيق غاية الحفاظ على مساحة للأصدقاء بحياتنا، إلا أننا حرصنا وبذلنا جهداً للحفاظ على نعمة الأصدقاء، لأنها تهون الكثير من الضغوط وتضفي البهجة على الحياة».
فرص التواصل
بينما تشاركنا خلود الحسواني، وهي أم لثلاثة أطفال، فكرتها عن الصداقة في حياتها، وتقول: «بالفعل الزواج غيَّر شكل الصداقة في حياتي، فقبل الزواج كانت صديقاتي هن بنات الجيران اللائي نشأن معاً، ثم في فترة الصبا تمحورت صداقاتي حول زميلاتي بالمدرسة والجامعة، ولكن عقب الزواج انشغلنا جميعاً وسافرنا وتفرقنا بين البلاد وتقلصت فرص تواصلنا لدرجة كبيرة».
وتتابع: «فرضت ظروفي واحتياجات أطفالي علاقات جديدة لا ترتقي في رأيي لمستوى الصداقات التي كنت أتمتع بها مع صديقات العمر، مثل التقارب مع أمهات أصدقاء أطفالي بالمدرسة بحكم لقاءاتنا المتكررة، فأنا أفتقد تجمعي مع صديقاتي، ورغم السفر بعيداً عنهم، إلا أنني أحن إليهن بين الحين والآخر».
وتستدرك: «لكن حالياً أكثر التجمعات والنزهات تتمحور حول اهتمامات أطفالي وأصدقائهم وأولياء أمورهم، فعادة ما أصطحبهم في كل الأنشطة التي يمارسونها وكذلك أمهات زملائهم، ولهذا بحكم وجودنا معاً بشكل متكرر تتوطد علاقاتنا إلى جانب وجود موضوعات واهتمامات مشتركة تخص الأبناء تجمعنا حول الدراسة ومواعيد النوم والأنشطة الرياضية وضبط سلوكياتهم وغيرها الكثير، ولهذا لم يعد هناك وقت للتواصل مع أصدقاء زمان، وأصبحت أكتفي بهذه النوعية من العلاقات الاجتماعية التي تدعم نفسية أبنائي وتعزز مكانتهم بمحيطهم الاجتماعي دون التفكير كثيراً في البحث عن رغباتي واحتياجاتي النفسية».
مسؤوليات العمل
يقول فراس محمد، موظف في دبي: «بسبب اختلاف ظروف الحياة عقب الارتباط بالزواج والانشغال بمسؤوليات العمل والالتزامات الأسرية، أعاني أحياناً صعوبة في التواصل والتواجد مع أصدقائي مثل السابق، خصوصاً أن أغلبهم لم يتزوجوا بعد، ولهذا اختلفت اهتماماتنا، فعادة ما يرتبون رحلات سفر وتخييم وركوب دراجات في أيام العطلات بينما لم تعد هذه النزهات تناسب اهتماماتي وأوقاتي، خصوصاً أن أسرتي تطالبني بالتفرغ لهم بالإجازة ومنحهم وقت الفراغ الخاص بي لقضائه معهم والتواجد بحياة أطفالي ومحاولة إسعادهم، كما أن زوجتي تشعر بالغيرة والتهديد أحياناً من كثرة خروجي مع أصدقائي العزاب».
ويتابع: «أستطيع تدبر بعض اللقاءات مع الأصدقاء على المقهى الذي تعودنا التجمع به لوقت متأخر من الليل، وفي الواقع أرصد معاناة زوجتي من افتقادها للوقت للترفيه أو الخروج مع صديقاتها بسبب ارتباطها بالأبناء ومواعيدهم، وقد يكون هذا البعد عن الصديقات أمراً إيجابياً، فتأثير الصديقات وطبيعة جلساتهن عادة ما تتطرق إلى تفاصيل وخصوصيات الحياة الزوجية، وهذا الأمر قد يكون ضاراً بالزوجين وسلامة علاقتهم، لهذا فأنا أعتقد أن بُعد الزوجة عن الصديقات في بعض الأحيان قد يكون مفيداً لنجاح الزواج».

أخبار ذات صلة

0 تعليق