كل الأنظار اليوم تتجه إلى عين التينة، وتتركز على الرئيس نبيه برّي شخصياً، من خلال موقعه الدستوري أولاً، وبما يمثل في المعادلة الوطنية، وعلى الخريطة السياسية، فضلاً عن تحمل المسؤولية المضاعفة في الثنائية الشيعية، بعد إستشهاد السيد حسن نصرالله.
علُّنا لا نقول جديداً إذا كررنا القول بأن الرئيس المخضرم لمجلس النواب يُعتبر “رجل الحوار الأول” بين المنظومة السياسية الحالية، لأنه إستطاع أن يكسب ثقة الموفدين والسفراء الأجانب، ولو من موقع المختلف مع مواقفهم السياسية، وهو ساهم في التوصل إلى حلول للعديد من الملفات المعقدة، عبر مفاوضات شاقة مع أطراف محلية وخارجية، وكان آخرها ملف الترسيم البحري.
ما أعلنه الرئيس نجيب ميقاتي بعد إجتماع عين التينة الثلاثي أمس، يؤكد الواقعية الوطنية، والمرونة الضرورية، التي يتمتع بها الرئيس برّي، في هذه المرحلة البالغة الصعوبة والتعقيد، لتجاوز الإنقسامات العقيمة، والخلافات المزمنة، والعمل على إخراج لبنان من دوامة الإنهيارات المتفاقمة. عبر الإسراع في إنتخاب رئيس الجمهورية العتيد، وإعلان الموافقة على وقف النار، ولو من جانب واحد، وكشف نوايا نتنياهو العدوانية وممارساته الإجرامية في قصف الأحياء السكنية، وتهجير أكثر من مليون لبناني من بيوتهم.
إقدام الرئيس بري على فصل الإنتخابات الرئاسية عن مجريات الحرب، يعني إستعادة المبادرة الوطنية لهذا الإستحقاق من إيدي نتنياهو، الذي لا ينوي التجاوب مع المساعي الدولية لوقف الحرب على لبنان، والإلتزام بوقف إطلاق النار .كما جاء تخلي برّي عن شرط الحوار قبل الدعوة لجلسة إنتخاب الرئيس، ليفتح الأبواب الموصدة أمام إنجاز هذا الإستحقاق الرئاسي، كخطوة أساسية لعودة الجميع إلى الدولة.
وإذا أضفنا إلى كل ذلك، ما سبق للرئيس ميقاتي أن أعلنه من عين التينة بالذات، وإثر إجتماع مع الرئيس برّي، حول الإتفاق على الذهاب إلى إنتخاب رئيس توافقي، يكون رجل السياسة المحنك، قد أزال كل العقبات أمام إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وألقى بكرة النار الرئاسية إلى الأطراف السياسية التي بقي عليها أن تُعيد النظر بمواقفها السابقة، والنزول من السقف العالي إلى أرض الواقع المرير الذي يحيط بالبلد المنكوب، وما يفرضه هذا الواقع من الجميع التراجع خطوة إلى الوراء، لإنقاذ البلاد والعباد قبل فوات الأوان.
ما صحة القول أن قائد الجيش العماد جوزاف عون أصبح الأقرب إلى قصر بعبدا؟
هذا يتطلب حديث آخر.
0 تعليق