«ماريا».. فصول مأساوية من حياة كالاس - اليوم الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا الكرام تفاصيل: «ماريا».. فصول مأساوية من حياة كالاس اليوم السبت 25 يناير 2025 09:59 مساءً وذلك على النحو التالي:

مارلين سلوم

تشابه كبير تلحظه وأنت تشاهد فيلم «ماريا» الذي أنتجته «نتفليكس»، ويعرض حالياً في دور السينما، تشابه في روح الفيلم يذكرك بأعمال سبق أن شاهدتها، «سبنسر» عن الراحلة الأميرة ديانا (2021)، و«جاكي» (2016)، عن جاكلين زوجة الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي، كلها أفلام أشبه بسلسلة عن السيرة الذاتية لسيدات عرفن المآسي وعشنها حتى وفاتهن..
ما يجمع تلك الأعمال هو المخرج بابلو لارين، الذي اختار أن يعمل على تلك النوعية من الأفلام ليقدم للجمهور قصصاً حقيقية ويكشف كواليس غير معلنة، يحكي سير شخصيات عامة مع لمسات وإضافات درامية من صنع الخيال، ولأن «ماريا» عن أشهر مغنية أوبرا عالمية ماريا كالاس، ولأن من تجسدها هي أنجلينا جولي، لا بد من حصد إقبال جماهيري خصوصاً أن العمل يستحق التوقف عنده.
بابلو لارين يختار الصعب، هذا المخرج التشيلي يسلك طريقاً مختلفاً في تقديم سير المشاهير، لا يحب السرد، كما لا يحب التسلسل والإيقاع الدرامي الروتيني والتقليدي، ففي كل عمل يركز على جوانب معينة في الشخصية، وغالباً ما يختار المأساة الإنسانية ويميل إلى التحليل النفسي، ويبرز تفاصيل دقيقة وصغيرة تعكس جوانب لا نعرفها عن تلك الشخصية لكنها تستميل الجمهور وتترك أثراً فيه وتجبره على التعاطف مع بطلة القصة.. في «جاكي» تعاون مع المؤلف نواه أوبنهايم، أما في فيلمي «سبنسر» و«ماريا» فشكل ثنائياً مع الكاتب ستيفن نايت، واستطاعا الارتقاء بهما إلى مستوى الأعمال الفنية المميزة.
لنحو ساعتين وأربع دقائق يأخذنا الفيلم لاكتشاف الجزء المظلم في حياة ماريا كالاس السوبرانو الأمريكية اليونانية الأصل، يبدأ أحداثه من يوم وفاتها، 16 سبتمبر 1977، نرى مجموعة أشخاص في شقة، ويبدو طرف جثة في الأرض، مشهد حزين بلا كلام، نستشف منه أن المتوفاة هي السيدة كالاس كما كانوا ينادونها، مقدمة ينتقل منها المخرج لتقديم لقطات تبدو أرشيفية قديمة لحفلات وجولات السوبرانو، ولولا تجسيد النجمة أنجلينا جولي تلك اللقطات لما عرفنا أنها غير مأخوذة من الأرشيف، هنا يبدأ تميز المخرج بابلو لارين في استخدام التقنيات لجعل الصورة باهتة والمشاهد متقطعة، وكأنها لقطات تم تصويرها بكاميرات ومعدات الستينات والسبعينات..
يستخدم لارين الإيحاء ليقترب جداً إلى حد الالتصاق مع الماضي ومع الواقع الذي عاشته كالاس، فمن خلال الديكور والأجواء والتصوير في باريس وتسجيل كثير من الأغاني التي تؤديها البطلة بصوت أنجلينا جولي الحقيقي مازجاً إياه بصوت ماريا كالاس، لذلك تبدو المشاهد صادقة ويصل الإحساس إلى الجمهور بأن جولي تؤدي فعلياً الأغاني بكل مشاعرها وتتفاعل فتبرز عروق يديها ورقبتها خصوصاً في لحظات عصبيتها وتوترها وهي تقف على المسرح.. علماً أن المؤلف ستيفن نايت اختار مرحلة الانكسار في حياة كالاس لتقديمها على الشاشة، ينطلق من مشهد وفاتها ليعود بنا أياماً قليلة إلى الوراء، يدوّن المخرج التواريخ ويفصل بين مراحل الفيلم بعناوين قصيرة فرعية مكتوبة على لوحة الـ «كلاكيت» التي تستخدم أثناء تصـوير الأفلام.
جدير بالذكر أن أنجلينا جولي تعلمت الإيطالية خصيصاً مـن أجل هذا العمل، كما تدربت على الغناء الأوبرالي، وتقول إنها كانت تشعر بالدوار والإغماء وهي تغني، لأن الغناء الأوبرالي صعب ويتطلب تدريبات كثيرة وطويلة من أجل التحكم بالنفس، تفاصيل مهمة تعكس مدى حرص المخرج والبطلة وفريق العمل على احترام المهنة والجمهور والشخصية التي يتناولها والاحتراف في العمل السينمائي.
يدوّن المخرج على الشاشة «قبل أسبوع» ويعود بنا إلى الأيام الأخيرة من حياة كالاس، نجدها في نفس المنزل مع مساعدها فيروتشيو (بيارفرانسيسكو فافينو) الذي تقول عنه إنه مساعدها ووالدها وشقيقها وصديقها، وبرونا (ألبا روهرواتشر) خادمتها التي تصفها بأنها أمها وشقيقتها وصديقتها.. هما عالمها الوحيد منذ أن ابتعدت عن الغناء، وتوالت اعتذاراتها عن تقديم الحفلات حول العالم. منزل فخم وجميل لكن المغنية تدور في فلك الماضي، مكتئبة تلجأ إلى العقاقير، وخلسة تزيد من الجرعات حتى تصاب بالهلوسة وترى تهيؤات يبدو أنها تعكس مدى رغبتها في استعادة مجدها بعد أن غابت عنها الأضواء، وبعد أن تعب صوتها ولم تعد تملك نفس القدرة على الأداء الأوبرالي.
تقرر العودة إلى الأوبرا مدعية أنها مازالت تملك نفس الصوت الجمـيل والقـوي «بناء على رأي الخادمة» كمـــا تقول. بعــد كـــل تلك المشاهد نصـل إلــى «الفصــــل الأول: مغنية الأوبرا»، هنــا يظهــــر الصحفــي مـانـــدراكــس (كودي سميت ماكفي) الذي نكتشف أنه من صنع أوهام وهلاوس كالاس، أحداث يفبركها عقلها الرافض لفكرة الاستسلام للمرض والتقاعد، ماريا في الـ 53 عاماً صحيح أنها فقدت الكثير من وزنها بشكل أثار قلق كل من حولها، فآخر حفلاتها كان قبل أربعة أعوام ونصف العام، تجري حواراً مع الصحفي وبوجود مصور يرافقه، تقول إن الكثير من القصص الملفقة كُتبت عنها، وتبرر حرقها كل فساتينها التي ارتدتها في حفلات الأوبرا بأنها «صارت من الماضي».. «ليس لدي حياة بعيداً عن المسرح» تقول مدام كالاس، تمشي في شوارع باريس، تقف عند ساحة التروكاديرو المقابلة لبرج إيفل متخيلة أن كل المارة والموجودين هناك يغنون لها، وبأن الصحفي يسجل تلك اللحظات الفريدة، ثم تلتفت يميناً ويساراً لتكتشف أنها تقف وحيدة ولا أحد بجانبها ولا الناس يلتفتون إليها.
الفيلم لا يأخذ الحقائق كما هي بتفاصيلها، يتولى الكاتب والمخرج صياغتها وفق الخيال لتعكس جوانب مرّة عاشتها ماريا كالاس. صحيح أن الأحداث مهمة، لكن المخرج وقع في فخ البطء والتطويل في مشاهد بلا أي مبرر، مثل مشهد النهاية الذي يتوقف فيه طويلاً أمام لقطة واحدة حيث يقف خادما ماريا برونا وفيروتشيو يسندان بعضهما بعد وفاتها.
الفيلم كان يحتاج إلى بعض التسريع في الإيقاع وإلى الخروج قليلاً من حالة الاكتئاب التي عاشتها المطربة، وإضافة بعض اللقطات المفرحة من حياة ماريا كالاس التي عرضها المخرج في آخر الفيلم كمرور سريع مستعيناً بصور ولقطات فيديو حقيقية تبتسم وتضحك فيها وهي بمنتهى السعادة والتألق.
أداء أنجلينا جولي زاد من تكريم الفيلم لماريا كالاس، فهي بدت شديدة الرقي، تمثل بكبرياء وهدوء وتنجح في رسم تقلبات الحالة النفسية للبطلة.

أسبوع واحد

أسبوع واحد نعرف فيه الكثير من تفاصيل حياة تلك الفتاة اليونانية المولودة في أمريكا، «ولدت فقيرة وكنت أغني من أجل المال»، تكره والدتها التي كانت تستغلها وشقيقتها وتعرض مواهبهما على الجنود مقابل مبالغ مالية.. كانت تشعرها دائماً بأنها «لا شيء، بدينة ومكروهة»، لدرجة أن ماريا طردت أمها من بيتها ومن حياتها، بينما تظهر شقيقتها ياكينتي (فاليريا جولينو) في النصف الأخير من الفيلم لتنصحها بإغلاق باب الماضي كي تتمكن من العيش بسلام.ننتقل بالفصول ما بين «الحقيقة» حيث تقول ماريا إن «الموسيقى تولد من البؤس ومن الحزن والضيق والفقر..»، نكتشف أن من أهم أسباب حزنها واكتئابها علاقتها بالملياردير اليوناني أريسطوتل أوناسيس (هالوك بيلجينر) الذي التقاها عام 1959 وأعرب عن إعجابه بها وأجبرها على ترك زوجها جيوفاني لتعيش معه بلا زواج، إلى أن تخلى عنها حين رأى جاكلين كينيدي زوجة الرئيس جون كينيدي (كاسبار فيليبسون) التي تزوجها بعد وفاة الرئيس، صدمة كبيرة دمرت ماريا خصوصاً أنها كانت معروفة بشدة اعتزازها وثقتها بنفسها وبكبريائها، والصدمة الأكبر بحسب ما يكشفه الفيلم أن أوناسيس هو من أجبرها على التوقف نهائياً عن الغناء!

[email protected]

يذكر بأن هذا المقال: «ماريا».. فصول مأساوية من حياة كالاس قمنا بنقله من مصدره الرسمي ( صحيفة الخليج ) وقد قام فريق اليوم الإخباري بمراجعته والتأكد منه وتعديل بعض الأخطاء إن وجدت او عدم التعديل إن لم يكن به أخطاء ويمكنك قراءة هذا الموضوع او متابعته من مصدره الأساسي. وفي الختام نتمنى أن نكون قد قدمنا لكم عبر موقع اليوم الإخباري تفاصيل كافية عن «ماريا».. فصول مأساوية من حياة كالاس، وللمزيد يمكنكم تصفح موقعنا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق