مع اقتراب موعد تنصيبه، يشعر الكثيرون في أمريكا والعالم بالقلق بعدما أطلق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيلًا من التهديدات الاقتصادية من الرسوم الجمركية على الحلفاء وكذلك الخصوم ووعيد بالترحيل لــ 11 مليون مهاجر غير شرعي وهو ما يطرح سؤالُا رئيسيًا مفاده كيف ستؤثر “اقتصاديات ترامب” على الاقتصاد العالمي؟ وهل ستعزز هيمنة الدولار أم تقوضها؟، وفق ما ذكرت صحيفة ذا فرونت الهندية.

تهديدات ترامب قبل التنصيب

تأتي تهديدات ترامب مع موجة من التعيينات لأكثر من 4000 منصب من الموالين له بأكثر من فترة ولايته الأولى عندما كانت مؤسسة الحزب الجمهوري أقوى وهو ما دعا المراقبين إلى القول بأن ترامب في ولايته الثانية سيكون أكثر حرية في تنفيذ تهديداته.
يتمثل العامل الذي سيحدد تصرفات ومصير إدارة ترامب في الرأسماليين الذين دعموه وموّلوه فهم لم يكتفوا بعقود من الليبرالية الجديدة بل يريدون المزيد من التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية لصالح تضخيم ثرواتهم.
حدود القوة الأمريكية
هناك ثلاثة عوامل محددة، فأولاً، هناك تأكيد متزايد من جانب “الأغلبية العالمية” (الوصف الروسي لأغلبية دول العالم التي لا تتفق مع العقوبات الغربية المفروضة على بلادها) على التجارة والتمويل والدور العالمي للدولار ويستفيد هذا التأكيد إلى حد كبير من الأهمية الجديدة التي اكتسبتها الصين فعلى سبيل المثال أصبحت الصين اليوم الشريك التجاري الأكثر أهمية لأغلبية ساحقة من دول العالم.
ثانياً، وكما ينبغي أن يكون واضحا من مقدار التكلفة التي تكبدتها ألمانيا بسبب إزاحة الولايات المتحدة للصين باعتبارها الشريك التجاري الأكثر أهمية لها بعد عام 2022 فإن حتى الحكومات المتحالفة التي زعم بايدن أنه وحدها مع الولايات المتحدة في “تحالف الديمقراطيات” تجد أن تكلفة قبول القيادة الأمريكية باهظة الثمن من الناحية الانتخابية.
أما العامل الثالث فيتمثل في تراجع وزن الولايات المتحدة الاقتصادي في الاقتصاد العالمي.
اقرأ ايضاً: كيف تؤثر عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض على الاقتصاد العالمي؟

عواقب سياسات ترامب

بحسب البروفيسور راديكا ديساي أستاذة التنمية الدولية بكلية لندن للاقتصاد فإن هذه العوامل سوف “تفسد أي مبادرة سياسية لترامب وإما أن تتحول إلى مجرد إيماءات رمزية أو تفشل أو ما هو أسوأ من ذلك أن تؤدي إلى تسريع انحدار الولايات المتحدة كقوة عالمية واقتصاد منتج.
وأكدت ديساي أن الرسوم الجمركية التي سيفرضها ترامب تمثل مسرحية سياسية لأنها لن تنعش التصنيع والوظائف في الولايات المتحدة، كما يدعي لأنه فقط السياسة الصناعية هي التي ستفعل ذلك وهي السياسة التي تجبر الشركات الأمريكية على الاستثمار بشكل منتج ومبتكر.

ارتفاع التضخم في عهد ترامب

كما ترى ديساي إن فرض الرسوم الجمركية من شأنه أن يزيد من التضخم الذي أجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة حتى عام 2025.
اقرأ أيضاً: «مورجان ستانلي»: أمريكا الأكثر تضرراً من تعريفات ترامب الجمركية
يقوم تصور حملة ترامب الانتخابية حول التعريفات الجمركية على فهم عتيق لقوة الولايات المتحدة فهي لم تعد المستهلك الأخير في العالم لأن الواردات الأمريكية اليوم لا تمثل سوى 15.9% من إجمالي الواردات العالمية في حين تبلغ حصة الاتحاد الأوروبي 13.7%، والصين 12.9%.
وكما قال أحد المراقبين، فإن أغلب البلدان باستثناء الدول المجاورة شديدة التكامل مثل المكسيك أو كندا “قد تحل محل الولايات المتحدة كسوق نهائية مع تحمل الألم ودون كارثة”.
تأثير ترامب على تحركات الدولار
كمار رأت إن تهديدات ترامب على جبهة الدولار غير متماسكة فإذا كان ترامب على يقين من أن “مجموعة البريكس لن تحل محل الدولار في التجارة الدولية” فلماذا إذن يحتاج إلى تهديد هذه البلدان؟، وهو ما يقول إن نزع الدولرة أمر محتمل اليوم.