تسهم الثورة الصناعية الرابعة بشكل كبير في إعادة تشكيل طريقة عمل العالم، إذ تقدم فرصًا وتحديات جديدة للعالم العربي. من المدن الذكية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى الروبوتات المتطورة، بدأت بلدان المنطقة في تبني التقنيات الحديثة التي تهدف إلى تنويع اقتصادياتها وتحسين الخدمات العامة وأتمتة الصناعات.
تعتبر دول مثل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة في طليعة هذه التحولات، حيث تستثمر بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات. تهدف هذه الاستثمارات إلى دفع النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، كما تُظهر المبادرات المتعلقة بالمدن الذكية والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية كيف تسعى المنطقة نحو تحول جذري في الاقتصاد والمجتمع.
ينمو الإنفاق التكنولوجي في الشرق الأوسط بسرعة كبيرة، مدفوعًا بالمبادرات الحكومية واستثمارات القطاع الخاص، بالإضافة إلى الدفع نحو التحول الرقمي عبر مختلف القطاعات. تركز الدول في المنطقة بشكل رئيسي على مجالات مثل البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والحوسبة السحابية.
من المتوقع أن يشهد الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في المنطقة تسارعًا في العام المقبل، حيث تشير توقعات شركة جارتنر إلى زيادة تصل إلى أربعة في المئة عن العام الحالي. من المتوقع أن يبلغ إجمالي إنفاق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تكنولوجيا المعلومات نحو 183.8 مليار دولار في عام 2024، في حين أن إجمالي الإنفاق العالمي سيصل إلى 5.1 تريليون دولار.
وعلى صعيد الذكاء الاصطناعي، توقعت شركة البيانات الدولية "آي دي سي" أن يتجاوز الإنفاق في هذا المجال في المنطقة ثلاثة مليارات دولار هذا العام، مع زيادة ملحوظة في الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي التوليدي.
في سياق متصل، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تأسيس شركة "آلات"، وهي متخصصة في التكنولوجيا المتقدمة ومملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي. تعتزم المملكة استثمار حوالي 100 مليار دولار في هذه الشركة بحلول عام 2030، مع التركيز على تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات.
تسعى السعودية لأن تصبح قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي، مما سيؤثر بشكل كبير على سياستها الداخلية والخارجية. ومن المحتمل أن يزيد ذلك من حدة المنافسة في الخليج لجذب الاستثمارات من قوى تكنولوجية كبرى مثل الصين والولايات المتحدة.
بينما تبرز قطر كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسهم التغييرات التحويلية في جميع الصناعات في تحسين حياة المواطنين بشكل ملحوظ. تشير التقارير إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي في قطر قد يصل إلى 428.40 مليون دولار في عام 2024، وأن يتجاوز المليار في عام 2030 بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 28.7%.
كما خصصت قطر تسعة مليارات ريال لتحقيق أهدافها في مجال الذكاء الاصطناعي، في إطار جهودها لتنويع الاقتصاد ودعم الابتكار من خلال القطاع الخاص.
أما في الإمارات العربية المتحدة، فإن الحكومة تستثمر حوالي ثلاثة مليارات دولار سنويًا في مجال الابتكار، حيث من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بنحو 98 مليار دولار في الاقتصاد بحلول عام 2030.
وبالتوازي مع ذلك، تسعى الكويت إلى تحويل البلاد إلى مركز مالي إقليمي بعيدًا عن الاعتماد على النفط، حيث تركز رؤيتها على الاستثمار في البنية التحتية الرقمية.
في مصر، أطلقت الحكومة استراتيجية اقتصادية شاملة تهدف إلى خلق مليون فرصة عمل في مجالات التكنولوجيا، مما يدل على التزام البلاد بالتحول الرقمي والنمو المستدام.
بينما يستثمر المغرب أيضًا في الذكاء الاصطناعي، من خلال مبادرات مثل "مبادرة حركة الذكاء الاصطناعي لجامعة محمد السادس"، مما يعكس اهتمام المغرب بتعزيز الابتكار في هذا المجال.
تتجلى هذه الجهود من خلال التزام دول المنطقة بتعزيز تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، مما يبرز أهمية هذه التحولات في تشكيل مستقبل العالم العربي.
0 تعليق