عيسى هلال الحزامي
* بجمال الطبيعة وسحر المكان «خورفكان» آية من آيات الرحمن في إمارة الشارقة، فعلى ساحلها تهيم الجبال في عشق البحر، وفي سمائها يستريح السحاب من بعد المطر، كما تشعُ النجوم ويطل القمر فيحلو السهر.. هكذا هي من قديم الزمان، ولما تعهدها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، تجلى في واديها إبداع البشر في قهر الحجر، فزادها حسناً وجمالاً وأصبحت بما نراه عليها الآن من حداثة وتطور وعمران، بمشروعات ومنشآت وحدائق ومتنزهات وسدود وطرق وأنفاق وجسور وصروح من كل شكل ولون، ما يسعد الناظرين سواء كانوا مواطنين أو مقيمين أو سائحين.
* وانتزعت خورفكان مكانها المميز على خارطة أنشطة المجلس الرياضي بفضل كل ما تتمتع به من صفات، فهي حاضرة دائماً بفعاليات رياضية ومجتمعية على مدار شهور العام، إن لم يكن بسباق للجري فبطواف للدراجات أو بمهرجان لإحياء مناسبة من المناسبات، وكثيراً ما نحار في المفاضلة بين مكان ومكان، أيكون في أحضان الطبيعة متاخماً للجبال في شيص أو المقصار، أم يكون بجوار أحد مشروعاتها العملاقة كنفق السدرة وسد الرفيصة، أم يكون في صحبة إرثها التاريخي الذي يباهي به حصنها وبرجاها الرابي والعدواني؟ وفي الحقيقة ما دعاني للحديث عنها سوى تداعي المعاني إذ وجدتها في شهر أكتوبر الماضي تحتضن ثلاث بطولات على التوالي يتنافس فيها العداؤون والدراجون مع الساعة وضدها في صعود الجبال وهبوطها، في السفح يجتازون التلال وفي الأعالي يجاورون السحب.
* ومن أكثر الأشياء المحفورة في ذاكرتي بخصوص خورفكان، قصة ذاك التحدي الذي خاضه «الحاكم الحكيم» مع جبالها الشماء إذ كانت تعترض سبيل السيارة على الأرض كما تعوق مسار الطائرة العمودية في السماء، ورغم كل الحسابات والتخمينات المحبطة كان التحدي عبر ماراثون طويل الأمد والمدى، حسابه بشهور وسنين لا بدقائق وساعات.. لكن.. بالعزيمة والإرادة، وبالدأب والجلد، وبالتحمل والصبر، تفتت الصخر واخترقت الأنفاق صلب الحجر.
* هكذا قهر الطريق الجديد عقبتي الزمان والمكان باختصار الوقت والمسافة، ما بين الشارقة وخورفكان من ساعة ونيف إلى دقائق وثوان، وهو ليس مجرد طريق يقدر طوله بعشرات من الكيلومترات وكلفته بلغت ستة مليارات، إنما هو رمز باق لواحد من أصعب وأقوى التحديات، وقصته الملهمة ستبقى لنا دائماً مثلاً وعبرة، للعزم الذي لا يلين والحلم الذي لا يعرف المستحيل.
ولا تنسى الضغط هنا ومتابعة قناتنا على تليجرام
0 تعليق