بداية ملامح التغير
وبدأت ملامح التغير في صورة المدينة تظهر خلال تلك المرحلة، متمثلة في تصاميم ونوعيات المباني في الأحياء الجديدة، والتي استبدلت بالنمط التقليدي في البناء المتمثل في المساكن الطينية، الفلل العصرية المبنية من الخرسانة المسلحة والطوب.
كما ظهرت الارتدادات في المباني السكنية، وأقيمت الحدائق الخاصة أمام الفيلات وفي داخلها، الأمر الذي دفع بالسكان إلى التحول نحو هذا النموذج من الحياة الحديثة.
منشآت حكومية وحدائق
بالإضافة إلى تسارع خطى تأسيس المرافق التعليمية والصحية والخدمية، وظهور الحدائق والمنتزهات العامة لأول مرة في المدينة، وفي مقدمتها حديقة الفوطة في حي المربع، وحديقة الحيوان، وحديقة شارع الوزير، وحديقة الستين في حي الملز.
جهاز بلدي فني
وأنشئت أمانة مدينة الرياض كجهاز بلدي فني متخصص، يعنى بتنظيم حياة الناس وقضاء احتياجاتهم، ويتولى جوانب التخطيط والتنظيم والنظافة، وإنشاء وتشغيل المرافق العامة وفق أحدث المعايير القائمة في إدارة المدن، وتخطيط وتنظيم توسع أحياء المدينة، وإزالة التلال والمرتفعات التي كانت تحيط بها.
وأيضًا مدّ الطرق والشوارع داخل الأحياء وتزوّدها بمظاهر التجميل والتحسين من أرصفة وإنارة وزراعة وبستنة، ومجسمات جمالية مستلهمة من التراث العربي الإسلامي الأصيل.
قطاع النقل
شملت البنية التحتية إلى جانب ربط المدينة بالساحلين الشرقي والغربي المناطق الشمالية والجنوبية بالطرق المعبّدة، تعزيز خط سكة الحديد الذي يربط الرياض بالمنطقة الشرقية بطول 562 كيلومترًا، وافتتاح توسعة مطار الرياض عام 1373هـ.
فعززت العاصمة الرياض مكانتها الاقتصادية بعد استكمال ربطها بمناطق السعودية الأخرى عبر الطرق المزدوجة، وتشغيل الخط الحديدي بين الدمام والرياض، الذي كان استثمارًا حيويًا في مجال التجهيزات الأساسية.
تخطيط المدينة
وشكّل عام 1388هـ، بداية جديدة في العملية التخطيطية لمدينة الرياض، عندما وجّه بوضع المخطط العام التوجيهي الأول لمدينة الرياض، الذي اشتهر باسم "مخطط دوكسيادس"، ليشكّل المحاولة الأولى لضبط نمو مدينة الرياض السريع، في مرحلة الثمانينيات وبداية التسعينيات الهجرية.
غير أن نمو المدينة في عام اكتمال المخطط 1392هـ، تجاوز حدود المكانية التي رسمها المخطط، وتوقعاته السكانية، ومعدلات النمو التي وضعها في الجوانب الاقتصادية والحضرية، فتجاوزت المدينة المساحة المقدرة في المخطط، في قفزة عمرانية وتنموية غير مسبوقة.
تطوير المخطط
أما التجربة الثانية للتخطيط الموجه في مدينة الرياض، فقد جرت عندما أصدر - حفظه الله - ، توجيهاته بإعداد المخطط التوجيهي الثاني، بعد أن تجاوز نمو المدينة تقديرات المخطط الأول، فجرى إعداد المخطط الثاني الذي اشتهر بـ"مخطط سِتْ" كنموذج مطوّر من المخطط الأول، لمحاولة ضبط نمو المدينة.
غير أن الرياض أبت إلا أن تنمو وتزدهر أكثر من تقديرات هذا المخطط، إذ تجاوزت معدلات النمو ومجالاته في المدينة في العام الذي اكتمل فيه المخطط "1403هـ"، تقديرات المخطط وحدوده المكانية.
الهيئة العليا لتطوير الرياض
وتقوم عبر مركز المشاريع والتخطيط الذي يعد الجهاز التنفيذي والإداري والفني للهيئة، بأعمال التخطيط الحضري الاستراتيجي، وتنفيذ البرامج التطويرية ذات الأهمية الخاصة، والإدارة الحضرية والتشغيل، والتنسيق والمتابعة، وإجراء الدراسات الأساسية عن المدينة، ووضع الإجراءات الرامية إلى رفع مستوى الخدمات والمرافق ذات الصلة بحياة المواطن.
وانصبت جهود الهيئة خلال المرحلة التالية لإنشائها، على تنظيم نمو المدينة واستكمال إنشاء بنيتها الأساسية وهيكلها العمراني، مستندة في ذلك على "مفهوم التطوير الشامل للمدينة".
المرافق والخدمات
كما شهدت الرياض نهضة غير مسبوقة بالمنطقة في قطاع الخدمات الصحية من خلال احتضانها مجموعة من كبرى المستشفيات التخصصية، وكانت باكورتها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض الذي يُعد أول مستشفى حكومي متخصص من نوعه في السعودية، وانتهاء باحتضان الرياض لأكثر من 12 مبنى حكوميًا عامًا.
فضلًا عن المستشفيات المتخصصة والمراكز الصحية المختلفة.
المطار ومحاور الطرق
كما كان من أبرز المنجزات التي حققتها الرياض في ظل إدارة الأمير سلمان، إنشاء مطار الملك خالد الدولي ليمثل الواجهة الحضارية لمدينة الرياض، ويكون المنفذ الجوي الأكبر في المنطقة، ومحورًا لحركة النقل الجوي من الرياض وإليها، فضلًا عن دوره في تنشيط حركة التنمية الاقتصادية والنقل الجوي في العاصمة.
كما تأسست في الرياض سلسلة متكاملة من محاور الطرق السريعة والدائرية والشريانية والرئيسة، وإنشاء العشرات من الجسور والأنفاق والميادين الحديثة، التي تتمتع بقدر عال من التنسيق والتشجير الذي يتلاءم مع العوامل الطبيعية لمدينة الرياض.
مشاريع حضرية وبُعد استراتيجي
من بينها مشروع إسكان منسوبي وزارة الخارجية، الذي أنشئ كحي نموذجي مكتمل المرفق والخدمات لاحتضان منسوبي وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية المنقولين من جدة إلى مدينة الرياض، ومشروع حي السفارات، الذي جمع بين كونه حيًا نموذجيًا يستوعب السفارات والهيئات الدولية، وتقديمه نموذجًا فريدًا في الجوانب الثقافية والعمرانية والبيئية في مدينة الرياض.
كما شكل مشروع تطوير منطقة قصر الحكم، المركز الإداري الوطني التاريخي والثقافي بما يحتويه من معالم وطنية تتمثل في: قصر الحكم وجامع الإمام تركي بن عبد الله، ومقار كل من "إمارة منطقة الرياض وأمانة منطقة الرياض وشرطة منطقة الرياض"، إضافة إلى المباني التراثية والمواقع الأثرية والأسواق التقليدية.
قلب حضاري نابض
وبدوره يشكّل مركز الملك عبد العزيز التاريخي، القلب الحضاري النابض بالتاريخ والثقافة والمعرفة وسط المدينة، بمكوناته التي تضم: المتحف الوطني، ودارة الملك عبد العزيز، وقصر المربع، وجامع الملك عبد العزيز، ومسجد وحديقة المدي، وفرع مكتبة الملك عبد العزيز العامّة، وقاعة الملك عبد العزيز للمحاضرات، ومكاتب إدارة الآثار والمتاحف، ومجمع المباني الطينيّة التاريخية، ومجموعة متنوعة من الحدائق الرئيسيّة، والساحات العامة، والميادين المفتوحة، وممرات المشاة، والمرافق الترفيهية.
وامتدت مشاريع الهيئة التطويرية الكبرى إلى الجوانب البيئية، كمشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة وروافده، ومتنزه سلام، ومتنزه الثمامة، ومشاريع معالجة المياه الأرضية، وجوانب العناية بتراث الرياض العمراني وحمايته وتطويره، كمشروع تطوير الدرعية التاريخية بهدف تحويلها إلى ضاحية ثقافية، سياحية، ترويحية بمستوى عالمي.
0 تعليق