حول “سبل وآليات إعادة هيكلة نموذج الحكامة المالية العمومية”، تمحورت مداخلات ونقاشات ثاني جلسات المناظرة الدولية للمالية العمومية، المختتمة مساء السبت، بمساهمة وازنة من مسؤولين عموميين مغاربة ومختصين فرنسيين في ميادين تدخل المالية العمومية، قبل إلقاء كلمات ختامية أشاد فيها الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة، وميشال بوفيي، مدير المجلة الفرنسية للمالية العمومية، بجودة النقاش ومداخلات الجلسة الثانية، التي سيرها مصطفى السحيمي، أستاذ القانون وعلوم السياسة محام بهيئة الدار البيضاء، وسعت لتسليط مزيد من الضوء على موضوع “هيكلة أفضل لنموذج حكامة المالية العمومية” من زوايا متعددة، ضريبية وقضائية محاسباتية، فضلا عن الرؤية التكنولوجية التي استحضرها المشاركون والمتدخلون.
في محور النقاش حول “مكافحة التآكل الضريبي الدولي”، أثار فيليب ثريا، المدير السابق للضرائب في شركة فرنسية، إشكالية متنامية تتمثل في التآكل أو الانحسار الضريبي في هذا الصدد، معتبرا أن “الشركات الفرنسية تحاول مواجهة هذا الانحسار الضريبي بتدابير متعددة ومرنة حسب السياقات وطبيعة وحجم الشركات ونشاطها”.
من جانبه، أثار محمد حديد، خبير محاسب رئيس لجنة الضرائب في “غرفة التجارة الدولية–المغرب (ICC-Maroc)، أهمية “تكيف المقتضيات المنظمة لشؤون الجبايات والضرائب المعمول بها في المغرب مع السياق الدولي في حده الأدنى من المتطلبات”.
أشغال المناظرة لم تخل أيضا من حديث عن التجربة المغربية في برمجة الميزانيات وتوقعات صرف اعتمادات الأداء الخاصة بكل سنة مالية على مدى 3 سنوات؛ يتعلق الأمر بمداخلة “البرمجة المالية العمومية لثلاث سنوات” التي بسط أبرز مقتضياتها مدير الميزانية في وزارة الاقتصاد والمالية، عزيز خياطي.
التركيز في النقاشات انصب على بعض الجوانب الأساسية لإعادة هيكلة نماذج حكامة المالية العمومية، ومن أبرزها “إعادة تنظيم المراقبة القضائية للمالية العمومية “La réorganisation des contrôles juridictionnels”، وهو المحور الذي قاربته المناظرة من خلال مداخلة ألقاها جيل ميلر، مستشار أول في مجلس الحسابات بفرنسا، وأحد قضاة المجلس الأعلى للحسابات بالمغرب.
“الذكاء الاصطناعي” والحكامة المالية
علاوة على المحاور سالفة الذكر، حضر الذكاء الاصطناعي، للمرة الثانية، بمستجداته وتطوراته المتسارعة في ختام نقاشات المناظرة الدولية للمالية العمومية لهذه السنة، بعدما سبق للدورة الـ15 (دجنبر 2022) أن أكدت الإجماع على ضرورة إدماج التكنولوجيات الجديدة، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، في المجال المالي، مع تجديد النداءات لـ”تفعيل الرقمنة الشاملة والمتسارعة لمسار العمليات المتعلقة بالضرائب والجبايات”.
محور “حكامة المالية العمومية القائمة على الذكاء الاصطناعي” من جلسة النقاش نفسها تناولته مداخلات كل من إيمانويل ميلارد، مستشار دولي في مجال المال والأعمال، ومحمد الأمين السغروشني، مدير الافتحاص والتدقيق والتفتيش في الخزينة العامة للمملكة، اللذين أثارا إيجابيات وسلبيات “استخدام الذكاء الاصطناعي في تجويد وتطوير نموذج التدبير المتعلق بمنظومة الحكامة المالية العمومية”.
وعلى امتداد يومين (1 و2 نونبر الجاري) بالرباط، انعقدت الدورة السادسة عشرة للمناظرة الدولية للمالية العمومية حول موضوع مركزي اختار له المنظمون عنوان: “نحو هيكلة أفضل لنموذج الحكامة المالية العمومية بالمغرب وفرنسا”.
0 تعليق