د. مايا الهواري
الذّكاء العاطفيّ هو المظلّة الكبرى الّتي يندرج تحتها الذّكاء الشّخصيّ ومن ثمّ الذّكاء الاجتماعيّ، وسبب اندراجهم تحت الذّكاء العاطفيّ هو أنّ الذّكاء العاطفيّ يتضمّن شقّين: أوّلاً الاهتمام بالوعي الذّاتيّ، وفيه فهم الذّات والتّحكّم والسّيطرة عليها وتحفيزها، والشّقّ الثّاني هو الذّكاء الاجتماعيّ ألا وهو فهم المجتمع والتّعامل معه، فكما فهم المرء نفسه يجب أن يفهم مجتمعه، ومتى عرف التّعامل مع نفسه عرف كيف يتعامل مع المجتمع؛ لذا الذّكاء الاجتماعيّ يندرج تحت الذّكاء العاطفيّ الّذي له دعوة أوّلاً بالاهتمام بالشّخص نفسه، وهذا ليس من باب الأنانيّة إنّما من باب فاقد الشّيء يعطيه، على عكس المقولة المتداولة فاقد الشّيء لا يعطيه، وهذا من شأنه تحسين الذّات، وبصورة أخرى الذّكاء العاطفيّ يتّجه نحو الذّات وعواطفها أوّلاً ومن ثمّ عواطف الآخرين ومشاعرهم، بينما الذّكاء الاجتماعيّ يكون التّركيز فيه على مشاعر الشّخص بنسبة أقلّ منه عن الذّكاء العاطفيّ؛ إذ يكون اتجاه الشّخص نحو مشاعر الآخرين وتفاعله معهم أكثر من تركيزه على مشاعره نفسه.
كلّ إنسان يمر بمواقف كثيرة في حياته اليوميّة وبعضها يثير الانفعال والغضب، وفي حال عدم السّيطرة على مشاعر الغضب هذه سيتبعها النّدم على سوء التّصرف لسوء التّحكم في المشاعر، وفي هذه المواقف يكون الشّخص غير قادر على التّواصل الفعّال مع من حوله وإدراك حقيقة مشاعرهم وعواطفهم، وعدم قدرته على ضبط انفعالاته تؤثّر سلباً في تعامله مع المحيط، وفي هذه الحالة يمكننا أن نطلق على هذا الشّخص أنه يفتقر للذّكاء الاجتماعيّ، فالإنسان بطبعه يحتاج إلى التّعامل مع الآخرين، ويكوّن علاقات معهم، ولا بدّ لنجاح هذه العلاقات أن يمتلك مهارة الذّكاء العاطفيّ ليكون سنده للتّواصل الفعّال معهم، فهو مفتاح للنّجاح في الحياة العلميّة والعمليّة لتجاوز الصّعاب والتّحديّات.
نستنتج ممّا سبق أنّه على الإنسان أن يكون قادراً على إدارة ذاته وعواطفه، وكذلك أن يكون واعياً اجتماعيّاً ليتمكّن من مواكبة الحياة والمجتمع، يقول الدّكتور دانييل جولمان: التّعاطف والمهارات الاجتماعيّة هي الذّكاء الاجتماعيّ، وهو الجزء المتعلّق بالتّعامل مع الآخرين من الذّكاء العاطفيّ؛ ولهذا السّبب يبدوان متشابهين.
0 تعليق