أحمد صالح
«كبسوا.. كبسوا..» تعبير يعرفه كل من يدخل إلى منصة «تيك توك» ويشاهد بقصد أو بالصدفة ما يسمي بالتحدي بين اثنين من المذيعين في البرنامج والرابح منهما تنهال عليه هدايا العملات الرقمية كالأسد والحوت والطائرات المقاتلة وغيرها، والتي تترجم في نهاية الشهر إلى ما يعرف بـ«التارجت» أي الراتب بالدولار، والتكبيس هنا هو قيام المشاهد والمتابع بالنقر على «شاشة الفون» وكل نقرة تساوي رصيداً من النقاط للمذيع أو المذيعة خلال البث، أما الهدايا فهي تنفق من متجرها الذي يدخل إليه الداعم ليشتريه من البطاقة الائتمانية أو من وكيل شحن هدايا وعملات رقمية. وتنتشر العديد من برامج التسول هذه على منصات السوشيال ميديا ، وتسمى برامج شات وتعارف وتواصل، وتعج برامج «كسب الأموال» بالسلوكيات التي تشهد تجاوزات، فهي عالم مثير للدهشة والريبة.
ورغم أنها لا تصنف على أنها برامج مواعدة وتعارف، إلا أنها وراء ارتفاع عدد حالات الطلاق، وتدمير العلاقات الأسرية، وانتشار ظاهرة المكسب السهل السريع من دون تعب أو مشقة، والبذخ الشديد في الإنفاق على هذه البرامج، وانتشار شبهات غسل الأموال والتحايل المالي، والألعاب والتحديات والأحكام على المهزوم فيها تهدد السلامة والصحة.
بعض المذيعين يحققون آلاف الدولارات السهلة لا يدفعون عنها الضرائب ولا أي رسوم سوى عمولة للوكالة التي يتبعونها ونسبة مشاركة البرنامج في الأرباح المحققة شهرياً. ويصل الأمر إلى أن يربح المذيع أو المذيعة 50 ألف دولار في تحدٍّ يستمر 5 دقائق من خلال يتلقي الهدايا المرسلة بالعملات الرقمية.
الطامة الكبرى أنه مع انتشار برامج «التسول الإلكتروني» والمكاسب السهلة الخيالية، تنعدم روح الابتكار والتعب والسعي إلى المهن التقليدية في العديد من الدول العربية ذات الدخول المنخفضة، وأصبحت مثل هذه البرامج كالمخدر يسري في عروق المجتمعات، وكلها مستوردة من الخارج تحقق الشركات التابعة لها ملايين الدولارات من ورائها، بجانب ما يثار عن وجود تجار سلاح ومخدرات يغسلون أموالهم من خلال مساعدة المذيعات والمذيعين.
لا بد من مواجهة قوية لوقف انتشار مثل هذه البرامج التي تدعو إلى الكسل والاستسهال في تحقيق المكاسب دون جهد وعمل وقتل الطموح وزيادة درجات عدم الرضا والسعي إلى التقليد وانتشار التجاوزات غير الأخلاقية، ومراقبة مصادر الدخل ودفع الضرائب وغيرها من الأمور المنظمة.
0 تعليق